فهذه الطفرات التكنولوجية الكبيرة التي وضعت المحاسبين في دائرة الضوء، قد جعلت أيضا علم المحاسبة أكثر قربا إليك، فقد تكون الآن تستخدم تطبيقا على هاتفك لإعداد الميزانية، أو آخر لمتابعة تطورات استثماراتك، فإذا كنت تمتلك شركة صغيرة، فربما تستخدم تطبيقات تمكنك من تسلم دفعات مالية من العملاء، وتنظيم نفقاتك، أو تطبيقات تمكنك كذلك من تحديث سجلات الشركة وأنت تحتسي كوبا من القهوة وربما تحث أرقامك أيضا في التخزين السحابي، أو تقدم إقراراتك الضريبية باستخدام هاتفك الذكي. وبغض النظر عن كل هذا، ستستمر التكنولوجيا الحديثة في التطور - ويبدو مستقبل المحاسبة واعدا على نحو رائع.
![]() |
تعريف مبادئ المحاسبة بشكل عام |
عليك أن تني فكرتك السابقة عن المحاسبين والمحاسبة جانباء لأنك ستجد في هذا القسم الكثير من المعلومات التي ستخبرك بكل ما تحتاج إلى معرفته عن تاريخ المحاسبة، والمهن الحالية التي قد يمتهنها المحاسبون، والحسابات المدينة والدائنة، وكيف يمكنك أن تقرأ القوائم المالية للشركات قبل أن تبدأ الاستثمار، بالإضافة إلى أكثر التطبيقات المبتكرة المتاحة حاليا، والخاصة بالمحاسبة سواء أكانت للأغراض الشخصية أم التجارية؛ لذا عليك أن تبادر إلى تشغيل الاتك الحاسبة؛ لأن هذا المقال سيجعل سجلاتك تتوازن - وما هو أكثر من ذلك.
فإن هذا المقال سوف يتحدث عن تعريف مبادي المحاسبة وتجد ايضاً بحث كامل عن المحاسبة بشكل كامل والعديد من المكونات الذي يتكون منها تخصص المحاسبة وذلك يوجد فقرة عن نظم المعلومات المحاسبية..
تعريف المحاسبة
تعرف المحاسبة بأنها "لغة المال"، ولغة التواصل القديمة هذه تفك رموز ألغاز عالم المال، وتحول مفاهيم مالية معقدة إلى أرقام واضحة ومختصرة يتمكن الجميع من استخدامها. وبما أننا جميعا نهتم بالمال، فإن المحاسبة تتخلل في حياة كل فرد منا بطريقة أو بأخرى.
فمنذ أن تمكن البشر من تخزين الطعام، ومقايضة الرماح بالفراء، تمكنوا من اكتشاف طريق لحساب هذه المعاملات، ثم ظهرت العملة، ما جعل المحاسبة أيسر وأصعب في الوقت نفسه: فاليسر تمثل في أنه أصبحت هناك الآن طريقة ملموسة لتحديد قيمة الأشياء، والصعوبة تمثلت في أن التجارة (وما ترتب عليها من أمور مثل البنية التحتية والضرائب) أصبحت أكثر تعقيدا. وعلى الرغم من الصعوبة التي أصبحت سمة الشئون المالية، سواء أكانت العملية أم الشخصية، تستمر المحاسبة في إحلال النظام في هذه الفوضى، وإضفاء صفات قابلة للمقارنة عليها.
فبوجود سجلات واضحة، ووضع قواعد يجب اتباعها، تجمع المحاسبة الحكومات، والمشروعات، والمواطنين في نظام اقتصادي واحد، وتحافظ على كل من المعلومات ذات الصلة، وعلى التدفق المالي معا. ودونها، لن نتمكن من الادخار أو الاستثمار، ولن نتمكن من اقتراض المال لشراء منازلنا، ولن نتمكن من سحب الأموال من ماكينة الصراف الآلي.
وفي هذا المقال، سنتعرف على الأشخاص المختلفين الذين يستخدمون المعلومات المحاسبية، ولماذاهم بحاجة إليها، وماذا يفعلون بها، وكل هذه الأمور تبدأ بك وبشئون المالية؛ لذا دعنا نلق نظرة عن ختلاف الطرق التي تؤثر بها المعلومات المحاسبية في حياتك.
نظم المعلومات المحاسبية
![]() |
نظم المعلومات المحاسبية |
- من الذي يستخدم نظم المعلومات المحاسبية؟
يستخدم جميع الأفراد تقريبا المعلومات المحاسبية، سواء أكان هذا في حياتهم العملية أم الشخصية؛ فكل كشف حساب مصرفي، أو فاتورة بطاقة ائتمان أوشيك إيجار، يكون مملوءا بمعلومات محاسبية. فعندما تعيد التأكد من النفقات في فاتورة المطعم، أو تتبع نصيحة صحية، فأنت تستخدم المحاسبة، وعندما تتسوق من خلال موقع أمازون، أو عندما تدفع ضرائبك، أو عندما تتقدم بطلب للحصول على قرض طلابي، فإنك تقدم معلومات لها علاقة بالمحاسبة، وما هذا كله إلا جانب من طريقة استخدامك اليومي للمحاسبة.
وعلى الصعيد التجاري، فإن المحاسبة أكثر انتشارا، وأغلب الأشخاص يستخدمون على الأقل بعض المعلومات المحاسبية في وظائفهم بشكل يومي. افسواء أكنت تطلب لوازم مكتبية، أم تجري تغييرات من أجل العملاء، أم تطبع شيكات الرواتب، فأنت تتعامل مع معلومات محاسبية.
فكل هذه الأجزاء الصغيرة من المعلومات المحاسبية، تشكل الصورة الكلية التي تعرف من خلالها وضعك المالي، سواء أكان هذا في منزلك أم في شركتك؛ فالمسئولون من عائلي الأسر، أو أصحاب الشركات، يستخدمون معلومات الصورة الكلية للبقاء على الشئون المالية في مسارها الصحيح وجني الأرباح، وهذا يبدو منطقيا، وفي النهاية، عندما تكون أنت المسئول عن المال، فإنك بحاجة إلى أن تعي القدر الذي تمتلكه، وحجم ديونك، وأن تعي أوجه إنفاقه.
وبالإضافة إليك، هناك الكثير من الأشخاص الذين قد يرغبون في معرفة وضعك، أو وضع شركتك المالي، فإن كنت تمتلك شركة ما، فهذه الفئة قد تشمل الموظفين الذين هم بحاجة إلى متابعة بعض الأرقام المحددة للقيام بمهمات وظائفهم، ومحاسبي الشركة الذين يحتاجون إلى الأرقام لإعداد التقارير، ووضع توقعات للميزانية. أما قائمة الذين يريدون معرفة هذه المعلومات من خارج الشركة فطويلة ومتعددة الأطياف، وتشمل:
- موظفي القروض، لكل شيء بداية من القروض العقارية، مرورا بالقروض الطلابية، وانتهاء بالحد الائتماني للشركة.
- الهيئات الضريبية الفيدرالية، والمحلية، وعلى مستوى الولايات.
- أي شخص ربما يمكنه تقديم عرض ائتماني إليك أو إلى شركتك.
- المستثمرين المحتملين أو الحاليين، سواء أكنت تستخدم التمويل الجماعي، أم تطلق طرحا أوليا للاكتتاب العام للشركة.
فكل هؤلاء المستخدمين الخارجيين المختلفين لمعلوماتك المحاسبية لديهم أسبابهم الخاصة، التي تجعلهم يرغبون في رؤية أرقام المحاسبة، وعلى سبيل المثال، مقرض الرهن العقاري يريد أن يرى أنك قد ادخرت نقودا كافية لتغطي الدفعة الأولى من القرض، وأنك لست غارقا في الديون، ولديك مصدر ثابت للدخل المستمر، وتسعى مصلحة ضريبية مثل دائرة الإيرادات الداخلية للتأكد من أنك لم تخطئ في حساب دخلك الخاضع للضريبة، أو في حساب فاتورة ضريبة الدخل الخاصة بك، والدائنون يبحثون عن كثير من الأشياء التي يبحث عنها المصرفيون، وبخاصة الجزء المتعلق بكونك تتمتع بتدفق مالي ثابت، أما المستثمرون، فيريدون أن يشعروا، بثقة، بأنك تحسن إدارة مواردك، ليتمكنوا في النهاية من تحقيق عائدات مجزية.
- الكل يتطلع إلى شيء مختلف
بينما يريد كل هؤلاء المستخدمين الخارجيين لمعلوماتك المحاسبية أن يلقوا نظرة متعمقة على مركز المالي، هناك عقبة؛ وهو أنهم جميعا لا يريدون المعلومات نفسها، وربما لا يريدونها بالصيغة نفسها.
فعندما تتفحص الشئون المالية للأسرة، أو الحالة المالية لشركتك، ستتطلع إلى معرفة تفاصيل عن معلوماتك المحاسبية أكثر من تلك التي ترغب في أن يعرفها هؤلاء المستخدمون الخارجيون لها، وعلى سبيل المثال، ربما تبحث أنت في سجل الشيكات الخاص بك، وفي كل كشوف حساب بطاقتك الائتمانية عند محاولة التوصل لتخفيضات ممكنة على الإقرارات الضريبية الخاصة بك، ولكنك الا تريد أن تری دائرة الإيرادات الداخلية تلك البنود الفردية، فهذه المعلومات - مثل إذا كنت قد اشتريت كتابا عبر موقع أمازون، أو إذا كنت قد اشتركت في إحدى خدمات بث الفيديو مثل نيتفلکس - لن تساعد دائرة الإيرادات الداخلية على تحديد ما إذا كنت قد تعرفت على الطريقة الصحيحة لسداد الضرائب.
وفيما يخص عملك، فإنك تقدم إلى مصلحة الضرائب الأرقام النهائية اللمبيعات في إقرار الضريبي، لكنك لن ترسل إليها تحليلا كاملا لما اشتراه كل عميل على حدة، إذ إن معرفة أن أحد العملاء، على سبيل المثال، قد اشترى منتجات ورقية أكثر، أو مواد تنظيف أكثر، لن تساعد مصلحة ضرائب المبيعات على التحقق من حساباتك، ولكن مثل هذه المعلومات قد يساعدك على اكتشاف بعض الأمور، مثل أنك تفرط في تخزين مواد التنظيف، أو إن كانت شركتك تعتمد بشكل كبير على المبيعات لعميل واحد معين.
- امنحهم ما يريدون
لقد بينا أنه قد يكون هناك الكثير من الأفراد المختلفين الذين يطلبون رؤية البيانات المالية الخاصة بك، أو بشركتك، وأنه ربما جميعهم يريدون معلومات مختلفة. إذن، ماذا تفعل حينها؟ عليك أولا أن تنظر إلى مقدم الطلب؛ فإن كانت مصلحة ضريبية، مثل دائرة الإيرادات الداخلية، فعليك أن تقدم إليها الأرقام بالصيغة التي تطلبها. وعلى سبيل المثال، يجب عليك أن تقدم تقرير ضريبة الدخل الخاصة بك في الولايات المتحدة الأمريكية على نموذج 1040؛ فلا يمكنك ببساطة أن ترسل بنسخة مطبوعة للأرقام الموجودة في كشوف الرواتب الخاصة بك. وهذا ينطبق أيضا على موظفي القروض: فربما ينظر هؤلاء الأشخاص المتخصصون إلى مئات البيانات المالية أسبوعيا، وهم بحاجة إلى أن تكون هذه البيانات منسقة.
ومايطلبونه مهم بالنسبة إليك أيضا، فلولم ترسل إلى مصلحة ضرائب الدخل بالصيغة المطلوبة، فقد تتعرض لبعض الغرامات، والعقوبات، والفوائد المالية، والأسوأ من ذلك، قد تدعى إلى جلسة تدقيق حسابات، وإذا أعطيت موظف القروض شيئا آخر غير الذي طلبه منك، ربما لا تحصل على المال الذي تريده منه، وعلى الرغم من كون أرقامك تبدو كما هي، بغض النظر عن الصيغة المستخدمة لعرضها، لكن ترتيبها وتنسيقها من الممكن أن يكون من الأهمية بمكان للشخص الذي يطلبها.
- عليك أن تقدم إليهم مايطلبونه فقط
لو ملات بنفسك نماذج الإقرارات الضريبية، فإليك قاعدة جيدة عليك أن تتذكرها، وهي: لا تقدم معلومات إضافية لتلك التي يطلبها النموذج؛ ضع فقط الأرقام التي يطلبها النموذج ثم توقف. لا تشرح ولا تفضل. فعندما تدرج معلومات إضافية، ربما تظهر أن هناك حاجة إلى إخضاع حساباتك لمراجعة أدق، وليس من الضروري أن تكون عمليات المراجعة شيئا سيئا - فربما تظهر المراجعة أنك قمت بكل شيء على الوجه الصحيح - ولكنها على نحو ما ليست بالممتعة.
- مجموعتان مختلفتان من السجلات
ربما تكون قد سمعت بعبارة "مجموعتين مختلفتين من السجلات"، وهذا غالبا في سياق حديث موظفي تنفيذ القانون، أو أوامر الاعتقال. ويكثر الحديث عن المجموعتين المختلفتين من السجلات في معرض الحديث عن الشركات، واستخدام هذه العبارة أكثر شيوعا مما تتخيل، والحقيقة هي أن العديد من الشركات تحتفظ بمجموعة من السجلات بغرض تقديمها إلى مصلحة الضرائب، والمجموعة الأخرى للحسابات اليومية في داخل الشركة. وبالطبع، تعد تلك "السجلات" حاليا باستخدام برامج الكمبيوتر، ولكن الفكرة نفسها تنطبق على هذا الأمر.
لماذا على أي صاحب شركة أن يهتم بهذا الأمر؟ هناك سببان رئيسيان، وهما:
- سهل استخدام الكمبيوتر بطريقة كبيرة تتبع الأرقام بطرق متعددة.
- أن الأمور المنطقية في الضرائب، وخاصة تقليل فاتورة الضرائب، لا تعتبر منطقية لأسباب أخرى، مثل إعداد تقرير الدخل لتقديمه إلى المستثمرين، او کي محاولة اقتراض المال.
ففي كل حالة، يعد تتبع الأرقام بطريقة مختلفة لأغراض مختلفة أمرا قانونيا تماما، ما دامت هناك معايير مقبولة متبعة.
فللأغراض الضريبية، عليك أن تتبع متطلبات دائرة الإيرادات الداخلية، حتی إن كان لا يبدو الأمر منطقيا تماما لعملك. وفي بعض الجوانب المرنة كذلك، مثل أنواع معينة من حسابات المصروفات، قد يتم تناولها بطريقة مختلفة لأغراض في داخل الشركة (وهذا ما يسمى بالسجل "الداخلي" للشركة، أولأغراض العلاقات العامة (مثل ما قد يظهر في تقرير الشركة السنوي)، ولإحصاء الضرائب (بمعنى ما يدون في الإقرارات الضريبة). ولأغراض تخص شركتك، فربما عليك أن تستخدم الأرقام على حقيقتها، حتى لو كانت تلك الأرقام ستزيد من أعبائك الضريبية. وعلى الرغم من ذلك، عندما يتعلق الأمر بضريبة الدخل، يريد الجميع أن يظهر أقل دخل ممكن؛ لأن هذا يعني دفع أقل قيمة ضريبية ممكنة.
ومع أن الاحتفاظ بمجموعتين مختلفتين من السجلات قد يكون مفيدا، لكن بالنسبة إلى معظم الشركات الصغيرة من السهل جدا أن تتبع مجموعة واحدة أساسية من السجلات لتفادي حدوث التباس. وبما أنه يجب على كل شخص أن يقوم بالأشياء بطرق معينة ليفي بمتطلبات دائرة الإيرادات الداخلية، يصير من اليسير جدا أن تستخدم هذه الإحصائيات في كل الأشياء، فإذا قررت أنك تود رؤية كيف كانت الأمور ستسير إذا استخدمت مجموعة ثانية من الأرقام (على سبيل المثال، طريقة مختلفة لحساب وقياس المخزون)، فتستطيع دائما أن تكتشف ذلك الأمر خارج ساعات العمل.
المحاسبة ليست مجرد أرقام
عندما تفكر في كلمة "المحاسبة"، فربما تتخيل صورة لتقرير مليء بالأرقام. على أية حال، هذه هي البداية التقليدية للمحاسبة، ولكن عندما تتعمق بشكل أكبر، سترى أن هذه الأرقام تقوم بإرساء فقط الأساس الذي تقوم عليه المحاسبة في الحقيقة: فهي تمكننا من تحليل واستيعاب سيل المعلومات اللانهائي، ليتسنى لنا اتخاذ قرارات مستنيرة.
والحقيقة هي أن الأرقام دون أن توضع في سياق ما لا تعني الكثير. على سبيل المثال، معرفة أن شركة ما حققت مبيعات تقدر ب 44 مليون دولار، تبدو رائعة في اللمحة الأولى، ومع أن هذا الرقم قد يعطي انطباعا بأن هذه الشركة ناجحة، لكن الحقيقة ربما تكون غير ذلك؛ إذ قد تكون المبيعات قد انخفضت بقيمة 20 مليون دولار عن العام السابق، مشيرة إلى أن منتجات الشركة يحتمل أنها لم تعد مفضلة لدى الجمهور. أو أن إحصائيات المبيعات التي تبدو قوية ربما تسببت في خسارة كلية للشركة؛ إذا كانت الشركة قد تحملت نفقات ومصروفات أكثر من 44 مليون دولار، فستكون الشركة قد حققت خسارة صافية هذا العام. وهناك فعلا عشرات السيناريوهات التي تكون فيها قيمة 44 مليون دولار عائدات ليست دليلا على نجاح الشركة - وهنا يأتي دور المحاسبة.
تتسلل المحاسبة إلى حياتك الشخصية أيضا، وكما هي الحال مع الشركات، لا يتعلق الأمر فقط ببعض جداول البيانات، أو التقارير المليئة بالأرقام، وبدا من اقتصاص القسائم للادخار مرورا بقضاء عطلة مع الأسرة، ووصولا إلى التوقف لتناول كوب من القهوة في طريقك إلى العمل، فإن هذه الأرقام تؤثر في كل جوانب حياتك يوميا. وهناك أيضا جانب يتسم بقدر أكبر من الرسمية للمحاسبة في المسائل الشخصية. وسيتضح لك هذا الجانب عندما:
- تقدم طلبا للحصول على قرض طلابي.
- تدخر جزءا من راتبك من أجل خطة التقاعد خاصتك.
- تعد إقرار الضرائب على الدخل.
- تضع ميزانية للأسرة.
فكل هذه الأنشطة لها علاقة وثيقة بالمحاسبة
المحاسبة في العصور القديمة
يعتقد علماء الآثار والمؤرخون أن المحاسبة قد ظهرت حتى قبل معرفة الكتابة ففي حقيقة الأمر، يعتقد البعض منهم أن الكتابة البدائية نفسها تطورت بسبب استخدام العلامات المستخدمة لتبع البضائع المخزنة في المستودعات القديمة، قبل ما يزيد على 5000 عام مضت. وهذا يبدو منطقيا، لأنه منذ فجر الحضارة كانت بين الناس معاملات تجارية.
ففي بلاد الرافدين، التي تعد "مهد الحضارة"، قام الخطاطون بتسجيل الأنشطة التجارية، مثل مقايضة القمح أو الصوف مقابل العاج أو النحاس، على ألواح طينية سميكة، وقام سكان هذه البلاد بالتجارة مع غيرهم من الشعوب القديمة، بمن في ذلك الفينيقيون، تلك الحضارة البحرية التي جلبت البضائع من أقصى بقاع الأرض - من التوابل الغريبة، والصبغات الرائعة، والمعادن النفيسة - إلى هذه المنطقة الخصبة.
- الطرق القديمة لتحويل الأموال
احتفظ المصرفيون في اليونان القديمة بسجلات حسابية تحتوي على تفاصيل عمليات تحويل الأموال إلى عملائهم من بعض البنوك الأخرى في المنطقة، وكذلك أقرضوا المواطنين الأموال، وغيروا العملة للعملاء الذين يحملون عملات أجنبية، فهذه الأنشطة كانت باكورة النظام البنكي الدولي الحديث الذي نعول عليه اليوم.
وبمرور الوقت، تمسك العملات، وأخذت المحاسبة التجارية شكلا مختلفا. فالمصرفيون في اليونان القديمة احتفظوا بملفات مفصلة في سجلات، أما الرومان فاعتمدوا على رب الأسرة لحساب العملة والحركات التجارية، أما شعوب الشرق الأوسط فطوروا طرقا حسابية بدائية للتأكد أن المعاملات التجارية كانت نزيهة، ولمتابعة قوائم جرد المخازن وممتلكات الحكومة.
- أسهمت الخزانة الملكية في تمويل بناء الأهرامات
في مقبرة الملك عقرب الأول في مصر القديمة، وجد علماء الآثار شيئا غير متوقع: فقد وجدوا جذور المحاسبة؛ إذ عثروا على بطاقات مصنوعة من العظام، مرفقة بحقائب الكتان والزيت، كل واحدة منها مدونة عليها علامة ترقيم تخص قائمة جرد؛ فالمحاسبون في الحضارات القديمة بذلوا قصارى جهدهم التسجيل محتويات المستودعات الملكية، للتأكد أن كل قائمة جرد محسوبة بدقة. فحين يدونون ولو معلومة واحدة صغيرة خاطئة، توقع عليهم أقصى عقوبة - سواء أكانت البتر أم الإعدام.
- الآلات الحاسبة القديمة
على الرغم من أن فكرة المعداد قد نشأت في الصين (تقريبا عام 3000 قبل الميلاد)، لكنه كان أداة حسابية مفضلة بين قدماء المصريين. ويتكون المعداد (الذي يطلق عليه أحيانا الإطار الحسابي) من مجموعة من القضبان أو الأسلاك في إطار مستطيل؛ ويحرك المستخدمون الخرزات إلى أعلى وإلى أسفل الإطار الخشبي لإجراء العمليات الحسابية البسيطة.
وحين تطور المجتمع المصري، وأصبح أكثر تعقيدا، صارت كذلك عملية حفظ السجلات. فبعد إدراك قيمة الأيدي العاملة، لم تعد الحسابات البسيطة تصلح في إحصاء النفقات؛ لذا كان على المصريين أن يستحدثوا طريقة لحساب الجهود والنتائج. وهذا أدى إلى نظم أكثر تعقيدا لإحصاء الثروة الملكية، حيث إنه كان متوقعا من المحاسبين أن يحصروا رأس المال الملكي (القيمة الكلية اللثروة)، بالإضافة إلى متابعة المشروعات الزراعية والعمرانية، بما في ذلك الأهرامات العظيمة.
وهذه الحاجات الحسابية الجديدة لحكام قدماء المصريين أدت إلى استخدام ورق البردي، وهو نوع من الورق مصنوع من ساق القصب، لتسجيل. المعلومات بشكل دائم، وكان من بين السجلات العامة إيصالات الضرائب، ودفع الجزية (إلى الفراعنة من الممالك القريبة)، وكشوفات الجرد الملكية.
المحاسبة الحديثة
- المحاسبة الحديثة التحول من مرحلة العملات المعدنية إلى مرحلة أسهم الشركات
بدأت حركة البيع، من حيث كل من التجارة والتبادل التجاري، الانتعاش حينما راحت الثورة الصناعية تنتشر في أرجاء أوروبا، وخاصة في بريطانيا العظمى. وهذا المزيج أوجد الحاجة إلى نظم وإجراءات محاسبية أكثر دقة وتقدما. وفي ذلك الوقت في أوائل القرن السابع عشر)، ظهرت أولى الشركات، ما تطلب تغييرات وتطورات إضافية، ثم انخرطت المحاسبة في خضم العصر الحديث، وكان الوقت قد حان لإجراء تغييرات جذرية.
وعلى نمط مخالف للتعاملات التجارية البسيطة في الماضي، وفي ظل وجود شركات التصنيع الحديثة والمصانع، دعت الحاجة إلى حساب التكاليف على نحو أكثر تعقيدا ( أي معرفة التكلفة الفعلية لتصنيع منتج ما)، فالمواد الأولية يتم تحويلها إلى بضائع جديدة مختلفة تماما، وكانت هناك حاجة إلى قوائم جرد كاملة في كل خطوة على الطريق، ثم أصبحت معرفة التكلفة والأرباح أمرا معقدا، ونمت الحاجة إلى نظم متابعة أكثر دقة.
ومع ظهور هذا الهيكل المؤسسي الجديد الذي كان فيه حملة الأسهم (أو الملاك) نادرا ما يشاركون في العمليات اليومية، كانت هناك للمرة الأولى في التاريخ مسافة بين الشركة وملاكها. ومع هيكل الأعمال الجديد هذا، ربما لا تتسنى لأصحاب الشركات رؤيتها أبدا، أو رؤية موظفيها، ومديريها، ومنتجاتها، أو غيرهم كذلك من ملاك الشركة. وأصبحت المؤسسة نفسها كيانا مستقلا بذاته على الأقل بالنسبة إلى الأغراض القانونية والمالية)، بغض النظر عمن أنشأ الشركة أو أطلقها وجعلها قيد التشغيل. وكان هؤلاء الملاك شديدي الاهتمام بما يجري خلف أبواب العمل المغلقة، وعولوا على المحاسبين لديهم الإطلاعهم على الصورة المالية. وهذا أدى إلى متطلبات أكثر تعقيدا فيما يتعلق بتقديم التقارير، والكثير من القواعد واللوائح.
- الشركات تغير مجال المحاسبة
ومع بدء تأسيس الشركات، تطورت الواجبات البسيطة للمحاسبين إلى مجموعة معقدة من القواعد التي تحكم المحاسبة اليوم. وفي بداية الأمر، كانت الشركات متعطشة لجمع رأس المال للتأسيس والتوسع، ومن أجل جذب المستثمرين، كانوا يتحدثون كثيرا عما يخططون له من أرباح بين الأهل والأصدقاء. والأشخاص عادة ما يتطلعون إلى جني ربح سريع، فيلقون بأموالهم في أعمال استثمارية، وغالبا ما يفعلون ذلك متبعين نصائح غيرهم دونما تفكير. ففي ذلك الوقت، كان الاستثمار بمنزلة مخاطرة كبيرة: لوكنت موفقا، فستجني الأرباح، وإن كنت غير ذلك، فربما تتعرض لخسارة كل شيء، وصولا إلى القميص الذي ترتديه.
وبينما تزاید حذر المستثمرين، بدأت السيولة المالية تتراجع؛ لذا بدأت الشركات نشر بيانات مائية لإظهار مدى حسن سير الأمور في داخلها، ولكن كان لا يزال لدى المستثمرين بعض الشكوك حول ما تقدمه هذه الشركات من أرقام، وهذا دفع إلى ظهور مجال جديد داخل علم المحاسبة. فالآن، وبدلا من قيام المحاسبين بمجرد جمع الأرقام في تقارير سهلة القراءة، صار المطلوب من المحاسبين مراجعة هذه الأرقام بشكل مستقل - وبدأت المهنة في النمو بشكل جدي.
- السكك الحديدية تحدث تغييرا
لعل ما أحدث تغييرا جذريا بشكل أكبر في مجال المحاسبة من ذلك الذي أحدثه ظهور الشركات، كان إنشاء السكك الحديدية الأمريكية، التي كان لها تأثير هائل على المستثمرين وعلى طريقة إدارة الأعمال في بدايات القرن التاسع عشر، فمن أجل نقل الأشخاص والبضائع إلى مسافات بعيدة، وجني الأرباح في الوقت نفسه، كانت شركات السكك الحديدية بحاجة إلى معلومات محاسبية مفصلة. وكانت هذه الصناعة مدعومة بالمال، وكانت المنافسة شرسة.
ثـم لجأ كبار رجـال السكك الحديدية إلى المحاسبين للحصول على تقارير التكلفـة، ووضـع أسعار تنافسية للأجـرة، ومعرفة تقديرات التوسـع، والنسب التشغيلية، والبيانات المالية. واستنادا إلى تلك المعلومات، تمكنوا من اتخاذ قرارات أفضل فيما يتعلق بالخطوط والأسعار وتدفق الإيرادات.
ونظرا إلـى أن السكك الحديدية قربت المسافات بيـن الولايات، زاد معدل التجـارة الداخليـة بينها بشكل كبير؛ فالمعاملات التجارية التي كانت تحتاج إلـى أسابيع وشهـور لإتمامها في السابق، تحتـاج الآن إلى أيـام أو ساعات لتتم، ثـم زادت سرعة الأعمال التجارية، إلى جانب عدد الصفقات الذي تعقد. وصار المستثمرون مفتونين باحتمالية تحقيق أرباح سريعة، واستعانـوا بالمحاسبين لسد الفجوة المعلوماتية.
- حرب عالمية، وانهيار سوق الأوراق المالية، واستجابة الحكومة
تم الاعتراف الرسمي بمهنة المحاسبة في الولايات المتحدة عام 1896، ثم ظهر لقب المحاسب القانوي المعتمد، وواجه المحاسبون الأوائل متطلبات صارمة من أجـل إصدار تراخيص مزاولة المهنة، بما في ذلك الخبرة والخضوع للاختبار؛ للتأكد من قدرتهم على مواكبة الطلب الزائد على المعلومات المحاسبية. وصدر هـذا الاعتراف في الوقت المناسب؛ لأنه بعد ذلك بثلاثة عشر عاما فقط، أصدر الكونجرس التعديل السادس عشر، الذي سمح للولايات المتحدة بفرض ضرائب الدخل بشكل رسمي على كل المواطنين الأمريكيين.
- الحرب العالمية الأولى
في بداية الأمر، كانت قيمة الضريبة منخفضة نسبيا، فكانت أقرب إلى مقابل رمزي. ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى، وأصبحت ضرائب الدخل الفيدرالية هي محور أجندة عائدات الحكومة، ونظرا إلى أن البلاد كانت تعاني ويلات الحرب، فإن الأسعار قد زادت، وظهرت للمرة الأولى معدلات ضريبية تصاعدية (حيث تخضع معدلات الدخل المختلفة إلى معدلات ضرائب مختلفة)، وكان معدل الدرجة الأولى مرتفقا للغاية بلغت نسبته 63%. وتقريبا في الوقت نفسه، في عام 1917، فرض الكونجرس ضرائب على الشركات، وهي ضرائب على كل الأرباح التي تبلغ معدلا "مناسبا" من العائدات. وكل هذه التغيرات وضعت عبئا ضخما على مكتب الإيرادات الداخلية؛ لأنه فجأة أصبح هناك عدد أكبر كثيرا من دافعي الضرائب، ولكن الحكومة كانت مسرورة لرؤية خزائنها تفيض بالأموال، وأبقت على كل الضرائب نافذة؛ فكل جهود تحصيل الضرائب هذه خلفت الكثير من العمل للمحاسبين، وكان هناك المزيد ما زال في طريقه إليهم.
- الولايات المتحدة في حاجة إلى المزيد من المال
طبقا للسجل التاريخي للضرائب، فإن ضرائب الدخل مثلت نسبة 16% من العائدات الفيدرالية عام 1916، وزادت هذه النسبة بقدر كبير لتصل إلى نسبة 58% بين عامي 1917 و 1920. واليوم تمثل ضرائب الدخل نسبة 46,2 من حصيلة العائدات الفيدرالية سنويا.
قواعد المحاسبة
هناك الكثير من القواعد التي تحكم عالم المحاسبة، منها ما هو واسع النطاق، ومنها ما يتعامل مع أدق التفاصيل، وعلى مر العصور، دعت الاحتياجات المجتمعية المختلفة إلى ظهور علوم رياضيات جديدة، وطرق جديدة تم بناؤها عشوائيا على ما سبق. وبعد أن حدث تبادل ثقافي، وامتزاج بين الثقافات، كانت هناك إمكانية لتعارض القواعد المختلفة؛ لذا طالب المحاسبون وأرباب العمل بالمزيد من التوضيح. وبمرور الوقت، نظمت قواعد المحاسبة بشكل منهجي في داخل كل دولة على حدة، مانحة العاملين في المحاسبة والضرائب والشئون المالية إرشادات واضحة.
وتم وضع أولى قواعد المحاسبة بشكل رسمي من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصة المعروفة اختصارا باسم (SEC ) ، ولم ينته الأمر هنا.
- أوجدت هيئة الأوراق المالية والبورصة عما أكثر للمحاسبين
عندما أدركت أمريكا الاحتيال المالي المنتشر الذي تسبب في الكساد العظيم، تنبه المشرعون إلى أنهم يجب عليهم اتخاذ خطوات جدية؛ لذا في عام 1934، اسسوا هيئة الأوراق المالية والبورصة لإعادة الثقة بسوق الأوراق المالية، وكذلك التطبيق قواعد جديدة تهدف إلى ضبط الشركات العامة، وفرض قيود صارمة على النشاطات المالية غير القانونية، ولهذه الغاية، قررت الحكومة أن كل شركة تقوم بتداول أسهمها داخل الولايات المتحدة يجب أن تكون مسجلة في هيئـة الأوراق الماليـة والبورصة، وأن هـذه الشركات يجب أن تفصح عن بعض المعلومات المالية للعامة، بما في ذلك البيانات المالية المراجعة بشكل مستقل.
ومرة أخرى، زادت الحاجة إلى أشخاص مؤهلين للعمل في مجال المحاسبة. وبمـا أن الشركات العامة أصبحت الآن ملتزمة قانونيا بتعيين محاسبين قانونيين معتمدین، زاد الاهتمام بالمهنة. ومع شعور المستثمرين بقدر كبير من عدم الثقة بالشركات، وضع الأشخاص ثقتهم في مراجعي الحسابات المستقلين للقضاء على عمليات النصب والاحتيال.
- مجلس معايير المحاسبة المالية
في عام 1973، تأسس مجلس معايير المحاسبة المالية؛ فمجموعة القطاع الخاص هـذه تضع المعايير، والقواعد، والإرشادات الشاملة التي تقود مجال المحاسبة. وبالطبع هي تفعل ذلك في إطار لوائح هيئة الأوراق المالية والبورصة، ولكن نظرًا إلـى أن النظـام المؤسسي قد لا تعمل به كل الشركات، فـإن هذه اللوائح لا تطبق في كل الأوقات.
- الحكومة لديها مجلس معايير المحاسبة الحكومية
في الوقت الذي تحكم فيه قواعد مجلس معايير المحاسبة المالية محاسبي القطاع الخاص، يعمـل محـاسبـو الجهات الفيدرالية الحكومية وفق مجموعة مختلفة من المعايير، تسمى معايير مجلس المحاسبة الحكومية، حيث تم استخدام كلمة الحكومية بدلا من المالية. وصممت إرشادات مجلس معايير المحاسبة المالية للتأكد من أن المستثمرين (بجانب المستخدمين الآخرين للتقارير المالية) يحصلون على معلومات مفيدة ومحايدة، تنم حقيقة عن الحالة المالية للشركة - وليست فقط تلك المعلومات التي تريد إدارة الشركة الإفصاح عنها. وبالإضافة إلى ذلك، وبما أن قواعدها تتوافق مع كل أنواع الشركات، فإن هذه المعايير الموحدة تسري على كل أنواع الأسواق المالية المختلفة.
تعريف مبادئ المحاسبة
مبادئ المحاسبة المقبولة عموما انتبه إلى هذه المبادئ
في الولايات المتحدة، تعرف مجموعة القواعد السائدة حاليا، والتي تحدد طريقة إعداد التقارير المالية باسم مبادئ المحاسبة المقبولة عموما، والمعروفة اختصارا ب(GAAP)، والهدف الأساسي لهذه المبادئ هو إعداد بيانات مالية متسقة عاما تلو آخر، ما يعطي المستثمرين صورة أكثر وضوحا عن الموقف المالي للشركة؛ فكل الشركات التي تطرح أسهمها للتداول العام يجب أن تقدم بيانات مالية مراجعة جيدا، ومعدة وفقا لهذه المبادئ.
![]() |
تعريف مبادئ المحاسبة |
والغرض من هذه المبادئ هو التأكد من أن المعلومات الواردة في البيانات المالية ذات صلة، وموثوق بها، وقابلة للمقارنة، ومتسقة:
- ذات صلة يعني أن تزود الأرقام أي شخص عادي بالمعلومات التي يحتاج إليها؛ لكي يتخذ قرارا استثماريا حكيما.
- موثوق بها يعني أن تكون المعلومات قابلة للتحقق من دقتها من قبل طرف ثالث مستقل.
- قابلة للمقارنة يعني أن تحتوي البيانات المالية للشركة على المعلومات نفسها التي تحتوي عليها البيانات المالية الأخرى للشركات التي تعمل في المجال نفسه.
- متسقة يعني أن تكون الأرقام المدونة في البيانات محسوبة بالطريقة نفسها، ومبنية على التقديرات الحسابية والمبادئ المستخدمة في العام المنقضي نفسها.
فهذه السمات ذات أهمية خاصة لدى المستثمرين في مؤسسات المساهمة العامة؛ لأنها تستخدم هذه المعلومات لاتخاذ قرارات استثمارية صائبة. ودون مبادئ المحاسبة المقبولة عموما، فإن المعلومات المضللة قد تدفع المستثمرين بشكل غير مقصود إلى الوقوع في شرك الاستثمارات المشبوهة.
ما هي المبادئ الأساسية للمحاسبة؟
على الرغم من وجود الكثير من القواعد والإرشادات المفصلة التي تحدد بدقة كيفية إحصاء المعاملات المالية، لكن عندما يتعلق الأمر بمبادئ المحاسبة المقبولة عموما، فهناك عشرة مبادئ إرشادية مهمة، تمثل إطار العمل تقريبا الكل الأمور المتعلقة بالمحاسبة، وهي:
- الإفصاح الكامل، وهو المبدأ الأكثر أهمية، وينص على أن يتم الإفصاح عن كل شيء قد يكون له تأثير في البيانات المالية - مثل القضايا المعلقة، والتغيرات القانونية المتوقعة، والمعاملات التي لم تكتمل، وما شابه - والإبلاغ عنها.
- ينص فرض الوحدة الاقتصادية على أن كل شركة أو شخص أو مؤسسة حكومية ذات شخصية مستقلة وفريدة، ويجب أن تكون لديها سجلات حسابات خاصة بها.
- يعني فرض وحدة النقود للقياسي أن كل المعاملات التجارية يمكن أن يعبر عنها بصورة مالية، وأن الوحدة النقدية المختارة (مثل الدولار في الولايات المتحدة أو الين في اليابان) آمنة ومستقرة.
- يتطلب الاعتراف بالإيراد أن حسب الإيرادات حين جنيها، بغض النظر عن الوقت الفعلي لتبادل الأموال.
- يشير مبدأ المقابلة إلى أنه يجب أن يتم الإبلاغ عن النفقات في الفترة نفسها التي يتم فيها جني الإيرادات التي ترتبط بها، مجددا بغض النظر عن الوقت الفعلى التبادل الأموال.
- يرتكز مبدأ استمرارية المنشأة على فكرة أن الوحدة الاقتصادية ستكون قائمة إلى أجل غير مسمى، على الأقل فيما يتعلق بإحصاء معلومات البيانات الحسابية والإخبار بها.
- تشير الفترة الزمنية إلى فواصل زمنية منفصلة (على سبيل المثال: أشهر، أو فترات ربع سنوية، أو سنوات مالية) يجب أن تذكر تفصيلا في البيانات المالية.
- يقتضي مبدأ التكلفة أن تشير القيم المذكورة في البيانات المالية إلى التكلفة الأصلية، وهي القيمة الحقيقية التي دفعت، وليس القيمة السوقية الحالية، أو القيمة التي عدلت بسبب التضخم.
- تدل المادية على الأهمية النسبية للأخطاء والبيانات الكاذبة، ومدى تأثيرها في الأشخاص الذين يعولون على دقة البيانات المالية.
- يدعو مبدأ الحيطة والحذر إلى أن تتحرى البيانات المالية أكبر قدر ممكن من الحيطة والحذر عند تدوين الأرقام، ويتطلب أيضا أن تسجل الالتزامات والنفقات المحتملة فورا (ولو مع احتمالية عدم وجودها) وأن يتم الاعتراف بالإيرادات فقط عند جنيها.
- عندما تتغير الأمور
على الرغم من أن المبادئ الأساسية في المحاسبة تدعو إلى وجود اتساق في البيانات المالية، لكن يحدث تغيير، وكيفية التعامل مع التغييرات التي تحدت هي النقطة الوحيدة التي تتفق عليها تقريبا كل هيئات وضع المعايير، وهناك تغيير جذريان يؤثران في البيانات المالية في الماضي، والحاضر والمستقبل وهما
- التغيير في التقديرات المحاسبية.
- التغيير في المبادئ المحاسبية.
عليك أن تتذكر دائما أن هذين التغييرين لا علاقة لهما بتصويب الأخطاء، مثل تصحيح خطأ رياضي، أو تعديل قيد محاسبي مدون على نحو خطأ (مثل تقييد مدفوعات لحساب اللوازم المكتبية بدلا من الأثاث المكتبي) حتى إن كان الأمر يبدو كذلك للمستثمرين غير ذوي الخبرة.
- التغيير في التقديرات المحاسبية
يحدث التغيير في التقديرات المحاسبية عندما تعيد شركة ما حساب رقم أو نسبة كانت تستخدمهما في حساب بياناتها المالية. فأحيانا، يستخدم المحاسبون التقديرات لتسجيل قيم لا يمكنهم تحديد ماهيتها، مستخدمين أفضل المعلومات التي يمكنهم الحصول عليها آنذاك. ويتم تقدير القيم عموما في عالم المحاسبة عن طريق أمور منها مدة بقاء أصل ثابت، مثل عقار أو معدة، أو التكاليف التي قد تدفعها الشركة وتتعلق بنفقة الضمان لمنتج جديد. وعندما يتبين أن أحد التقديرات كان غير دقيق تماما، يمكن للمحاسبين أن يراجعوه. وإن كان تأثير التغيير يعد غير مهم، فليس هناك ما يمكن للمحاسب أن يفعله. ومع ذلك، لوكان التغيير يؤثر في فترات محاسبية مختلفة، وبخاصة التأثير في صافي الدخل، يجب أن يفصح عنه في بيانات الشركة المالية.
- الفترات المحاسبية لها وقت محدد
تغطي الفترة المحاسبية فترة زمنية محددة - شها، أو ربع سنة، أو سنة - لمتابعة التعاملات التجارية، وهذه الفترة يجب أن تحدد بشكل واضح في البيانات المالية. فعلى سبيل المثال، إذا طالعت البيانات المالية السنوية، فالفترة الزمنية المتعلقة بهذه البيانات يجب أن تكون عاما، ويشار إليها بأنها بيانات مالية عن العام الذي ينتهي في 21 ديسمبر 2016.
- التغيير في المبادئ المحاسبية
يحدث التغيير في المبادئ المحاسبية، حينما يقرر المديرون الماليون الشركة ما أن يغيروا الطريقة التي استخدموها في السابق لإحصاء الأرقام في البيانات المالية، فعلى سبيل المثال، يعد تغيير الطريقة المستخدمة في تحديد قيمة المخزون تغييرا في المبادئ المحاسبية. وما دام التغيير مقبولا وفقا لمبادئ المحاسبة المقبولة عموما، والمعايير الدولية لإعداد التقارير المالية ( بوصفها مجموعة إرشادات محاسبية عالمية الانتشار)، يكون مسموحا به تماما، شريطة أن توضح الشركة تأثير هذا التغيير توضيحا كلا. ولعمل ذلك، يكون على الشركة أن تطبق هذا التغيير بأثر رجعي على كل الفترات السابقة التي أعدت فيها تقارير، كما الوكانت هذه هي الطريقة التي كانت تتبعها طوال الوقت، وهذا ما يسمى ب"إعادة صياغة البيانات المالية، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون التغيير الذي حدث مذكورا تفصيلا، وموضحا في الملاحظات التي ترفق مع البيانات المالية.
- انتبه للطرق غير المستندة إلى مبادئ المحاسبة المقبولة عموما
ومع ذلك، وفي بعض الأحيان، لا يرسم استخدام مبادئ المحاسبة المقبولة
عموما الصورة الحقيقية لوضع الشركة المالي، أولا بعد المؤشر الحقيقي الأدائها، وفي مثل هذه الظروف، قد تسجل الشركة معاملاتها باستخدام طرق لا تستند إلى مبادئ المحاسبة المقبولة عموما. وعلى سبيل المثال، تتطلب مبادئ المحاسبة المقبولة عموما أن يشمل التقرير السنوي النهائي نفقات دفعت مرة واحدة لها علاقة بإعادة هيكلة الشركة، حتى إن كانت إعادة الهيكلة ستؤثر في مستقبل الشركة؛ فخصم تلك النفقات دفعة واحدة يربط بينها وبين السنة التي حدثت فيها، حتى إن كان هذا ليس هو الوقت حقا الذي تكون فيه تلك النفقات ذات صلة.
وربما تحيد بعض البيانات المالية لبعض الشركات عن اتباع مبادئ المحاسبة المقبولة عموما في مواقف مثل هذه، وقد يكون لهذا تأثير بالغ في الكيفية التي يرى بها المستثمرون توقعاتهم المستقبلية. وينطبق هذا الأمر بصفة خاصة على المستثمرين الاعتياديين (وهم على النقيض من المستثمرين المؤسسيين أو المحترفين)، الذين يضعون أهمية كبيرة على صافي الأرباح بعد خصم الضريبة، ومع أن استخدام طرق لا تستند إلى مبادئ المحاسبة المقبولة عموما أمر قانوني، ومصرح به من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصة، لكن هذه الممارسة المحاسبية قد تستخدم لتزييف الأرباح، وتظهرها بصورة أكثر إيجابية مما ستبدو عليه بمعايير مبادئ المحاسبة المقبولة عموما. والطرق التي لا تستند إلى مبادئ المحاسبة المقبولة عموما ليست لها طريقة محاسبية ثابتة؛ لذا يكون من السهل جدا التلاعب بالأرقام، وهناك قدر قليل من الاتساق. وعلاوة على ذلك، فإن الطرق التي لا تستند إلى مبادئ المحاسبة المقبولة عموما غير مسموح لها برسم صورة خطأ عن الشركة، واستخدامها يجب أن تبلغ به هيئة الأوراق المالية والبورصة.
- هناك مبادئ مختلفة للبلدان المختلفة
من الناحية التاريخية، وضعت البلدان النسخة الخاصة بها من مبادئ المحاسبة المقبولة عموما، بينما ازداد اقتصادها تعقيدا، وهي مشابهة لمبادئ المحاسبة المقبولة عموما في الولايات المتحدة. والاختلافات بين هـذه الأنظمة المحلية تتراوح بين كونها اختلافات طفيفة وأخرى ضخمة. وعلى سبيل المثال، الطريقة التـي تحتسب بها معاشـات التقاعد بموجب مبادئ المحاسبـة المقبولة عموما في الولايات المتحدة لا تتشابـه إطلاقا مع طريقة احتسابها في دول آسيا أو أوروبا، وبسبب هذه الفوارق، كان الاستثمار الدولي محيرا بعض الشيء، ووجد المستثمرون الذين يفكرون في الاستثمار في شركات في مختلف البلدان صعوبة في معرفة أفضل الخيارات بالنسبة إلى محفظتهم الاستثمارية.
وعلاوة على ذلك كله، هناك بعض البلدان - وخاصة تلك التـي ما زالت أسواقهـا فـي طـور الأسواق الناشئة – ليست لديها مبـادئ محاسبة من الأساس. ودون وجود أفراد لديهم خبرة في المحاسبة، فبالتالي لا يوجد من يضع المعايير؛ لذا يتم جمع تلك المعايير بشكل تدريجي بقواعد مختلفة، جلبت من بلدان مختلفة متقدمـة عن هذه البلدان على مستوى التصنيع، وهـذا المزيج من القواعد وضع المستثمرين في حيرة وشك بشكل أكبر، فهل يمكن أن تكون أي من تلك البيانات المالية موثوقة؟
ومع تزايد المعاملات التجارية والمالية العالمية، تزايدت أيضا الحاجة إلى معايير محاسبية دولية. ودفعت هذه الحاجة إلى إنشاء مجلس مستقل، وهو مجلس المعايير المحاسبية الدولية في لندن عام 2001. وتكونت هذه المجموعة الدولية من خمسة عشر عضوا يمثلون تسع دول مختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة. ويعمـل هذا المجلس مع نظيره الأمريكي، مجلس معايير المحاسبة المالية، على
إنشاء صورة موحدة لإعداد التقارير المالية تستخدم في البلدان كافة.
ويضـع مجلس المعايير المحاسبية الدولية المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، التي سرعان مـا أصبحت المعايير الموحدة حول العالم لإعداد البيانات الماليـة للشـركات العامة. وعلى خلاف مبـادئ المحاسبة المقبولة عموما في الولايات المتحدة، نهجت المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية نهجا قائما على المبادئ (بينما كانت ترتكز مبادئ المحاسبة المقبولة عموما في الولايات المتحدة على القواعد بشكل كامل)، ما يمنح المحاسبين مرونة أكبر عند اختيار النهج الذي يستخدمونه في عرض المعلومات. فما يزيد على 100 دولة إما أن تسمح باستخدام المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية في الشركات العامة، وإما أن تطالب بذلك، بيد أن الولايات المتحدة لم توافق بعد كليا على هذا التحول. وعدم انخراط الولايات المتحدة في هذا الأمر قد يجعل تقارير شركاتها أكثر صعوبة في أن يفهمها المستثمرون الخارجيون، ويصعب أكثر على كل المستثمرين مقارنة الشركات الدولية حينما يقدمون على اختيار إحداها للاستثمار.
سيتم الرد قريبا